_files/dabek.jpg)
اليوم بالضبط هو 24 آب هو ذكرى مرور 500 سنة على المعركة التاريخية الفاصلة #مرج_دابق التي رسمت صورة الوطن العربي لأربعة قرون.. ولا تزال…
وسيصدم القارئ الكريم وهو يتابع التفاصيل، وسيبدو له أننا نقدم تقريراً إخبارياً مباشراً من الساحات الساخنة في الشمال السوري في حين أننا نروي أحداثاً حصلت قبل 500 عام….
إننا نكرر التاريخ.. نكرره ولا نتعلم منه!!!
إننا نكرر التاريخ.. نكرره ولا نتعلم منه!!!
ومرج دابق قرية سورية تقع إلى الشمال من #حلب إلى جوار بلدة #مارع وتشكل مع #اعزاز و #تل رفعت مثلثاً متوازي الأضلاع، وهي بلدة صغيرة الحجم ولكنها بالغة التأثير في التاريخ، فقد وردت نصاً في صحيح مسلم: “لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض ….” في تفاصيل طويلة لا تختلف في شيء عن الأشراط الكثيرة الواردة في شأن الساعة، ولكن ورودها في صحيح مسلم يمنحها مكانة مختلفة لدى المحدثين.
وقد اختارت # داعش اسم دابق عنواناً على صحيفتها الرسمية التي تصدرها، كما اختارت اسم أعماق عنواناً على وكالة الانباء الخاصة بها في إرماز بالغ الوضوح لما تعنيه هذه البلدة من أهمية تاريخية واستشرافية لجيش داعش ومشروعه الرهيب، ولا تزال صيحات مقاتلي داعش تتردد: “دابق موعدنا أيها الروافض….”.
معركتان فاصلتان في مطلع القرن السادس عشر لا تزال آثارهما حاكمة فاصلة إلى يومنا هذا، معركة #جالديران 1514 التي وصل فيها السلطان سليم إلى تبريز عاصمة الصفويين ودمرها بلا هوادة، ثم معركة مرج دابق 1516 التي انتصر فيها العثمانيون على الحكام المماليك الذين كانوا يحكمون #الشام و #مصر بقيادة قانصوه الغوري.
وأجد ذكرى المعركة مناسبة ضرورية للحديث عن واقعنا المأساوي في هذا المجتمع المتصدع والذي يزداد يوماً بعد يوم غرقاً في مستنقع الطائفية البغيضة على أساس أنها جوهر الصراع، وأنه لا حل للصراع إلا باستئصال إحدى الطائفتين، وهو ما أعتبره أكبر انحراف أخلاقي وفكري يجب على كل من يحب سوريا أن يواجهه بدليل العقل والنقل والحكمة، وأن يرفض تحوله إلى قدر لازب يكرس الكراهية والبغضاء.
منذ خمسمئة عام تحددت المنطقة أحواضاً أربعة: الحوض التركي وهو حاضنة السنة، والحوض الإيراني وهو حاضنة الشيعة، وحوض بلاد الشام والعراق وهو أغلبية سنية وأقلية شيعية 60/40، وحوض جزيرة العرب ويبلغ السنة والشيعة فيه 70/30،
وحتى لا أغرق في الأرقام فأنا أقدم معلومات تقريبية، وهي الأرقام ذاتها السائدة في الإحصائيات المختلفة ولا مانع عندي أن تتغير النسبة عشرة أو حتى عشرين بالمائة فستظل الدلالة واحدة وهي أننا نعيش معاً سنة وشيعة وأن لا سبيل لاستئصال أي من الطائفتين.
كان قيام الدولة الصفوية في #تبريز عام 1500حدثاً غير عادي، وقد أنهى ثلاثة قرون من العيش المشترك الذي أرساه الناصر لدين الله العباسي، وقد أعلن الصفويون مشروعاً دامياً لقيام دولة شيعية مذهبية، وتم ارتكاب سلسلة من المذابح المريرة ضد سنة إيران والعراق لقيام هذا الكيان المذهبي، ولا شك أن تبرير هذه المجازر كان يأتي في سياق الشعارات الدامية التي لا زلنا نسمعها منذ ثلاثة عشر قرناً: يا لثارات الحسين وهيهات منا الذلة وكل أرض عاشوراء وكل يوم كربلاء، إلى آخر الصيحات العصابية التي لا تزال مركباً للحقد التاريخي يعبر به الجيل الى الجيل، وهو في جوهره كفرٌ بأهم رسالة جاء بها الحسن والحسين عليهما نور الله وسلامه.
أدرك العثمانيون خطورة المشروع الصفوي، وقام السلطان سليم الأول بعقد هدنة مع الأوربيين، وانصرف قافلاً إلى حدوده الشرقية للمواجهة مع الصفويين الذين كانوا قد ابتلعوا العراق وجانباً من الجزيرة السورية والشرق الأناضولي، وخاض معركة جالدرين الضارية قرب تبريز وتمكن بالفعل من انتصار ساحق واجتاح عاصمة الصفويين تبريز، وضرب فيها بيد من حديد قبل أن يعود أدراجه إلى #استانبول.
ولكن اجتياحه تبريز لم يكن كافياً لوقف قيام الدولة الصفوية، وقد ندم السلطان سليم على خروجه من تبريز وقام بتصفية القادة الذين أشاروا إليه بالعودة إلى استانبول، ونكل بالأسرى الذين أسرهم من تبريز، وكان فيهم زوجة السلطان اسماعيل الصفوي تاج الخوانم نهروزة، وحين أرسل إليه الشاه اسماعيل وفداً بهدايا قيمة يسأله الافراج عن وزجته قتل الرسل ودفع بها سبية لأحد كاتبيه إمعانا في إذلاله.
إنها سلوكيات انتقام كانت تؤدي عكس ما يحتاجه الناس من الوفاق والمصالحة وتعيد غرس الكراهية والأحقاد جذعة في ضمائر الناس جيلاً بعد جيل تنتظر أن تعود من جديد.
ومضى الصفويون في مشروعهم وقد اكتسى مزيداً من الحقد والكراهية، وبدا الصفويون يرسلون التهديد تلو التهديد لأهل الشام بوصفهم أحفاد #يزيد، وكانوا يتوعدون الشام بمصير كمصير العراق، وكانوا يكررون ما كرروه في العراق من واجب الدفاع عن المراقد وأن لا تسبى زينب مرتين ويا لثارات الحسين، وقتال يزيد العصر، كل هذه الشعارات كان يطلقها الصفويون الذين وجدوا في الواقع من يردد شعاراتهم على طول جبال الساحل السوري من لواء اسكندرون إلى صفد، فقد كانت هذه الجبال معاقل تقليدية لكل أولئك الذين فروا من الحكومات الأيوبية والمملوكية المتعاقبة التي حكمت بعد الحمدانيين والفاطميين، حيث بقيت ملفاتهم معلقة كانقلابيين محتملين يحلمون بالعودة الى الحكم الشيعي، ولم يقم عقلاء الإسلام بما يكفي لإنهاء هذا الملف وإدخال الناس إلى عالم المصالحة والمساواة والإخاء.
الشعب السوري كان يشعر بالغضب من سلوك حكامه المماليك الذين انصرفوا لمصالحهم الخاصة وتركوا هذا الشعب يتكبد العناء والشقاء أمام الفساد المتغول، وكانت إيران الصفوية تعدهم بأنها قادمة وكان حلفاؤها من أبناء المذهب والطائفة يتراسلون ويتواصلون مع المنقذ الإيراني، وكانت إيران تبرر بناء هذه التحالفات بقيام حلف مقاوم لمحاربة الغربيين الصليبيين البرتغال الذين كانوا يحيطون بشواطئ جزيرة العرب الجنوبية ويتوعدون بغزو الحرمين والمسجد الأقصى، وبذلك كانت توطئ لدخولها إلى الشام واليمن تحت عنوان بناء حلف مقاوم يبدأ هلاله من طهران إلى #صفد التي كانت عاصمة الجنوب اللبناني الحالي وجبل عامل.
إنها مأساة التاريخ المتقابلة، منتصرون ومهزومون، مظاهر انتقام وقهر تنام فيها الجروح الغائرة، تنكأ كل يوم، ولا نفعل ما ينبغي لوقف حمى الكراهية، ونتصرف غرائزياً تاركين نار الحقد الطامي تغذي الكراهية كل يوم.
علينا أن نعترف أننا جميعاً ارتكبنا خلال التاريخ مذابح الانتقام المتقابلة، ومن العار أن ندرس التاريخ على أنه علاقة بين قديسين ومجرمين، وملائكة شياطين، وضحايا وجلادين، يجب أن ننتهي من هذه القسمة المريضة التي تؤجل خصاماتنا وتغذيها بثقافة الكراهية، يوماً بعد يوم، حتى تنفجر ذات يوم أسود بكل أحقاد التاريخ.
إننا نكرر الخطأ إياه، نقاتل الآخر بوصفه محض شيطان ليس فيه أثر من ضمير، ونكرس أنفسنا أنقياء طاهرين، ولكننا لا نفعل شيئاً لإزالة شيطان الكراهية الذي يسكن في الصدور.
فمتى يدرك أهلنا من الشيعة في العراق ولبنان أن النمط الصفوي كان نمطاً مؤذياً للوجود الشيعي وأنه لا يعبر عن الأماني البريئة التي تسطن قلوب المحبين لأهل البيت رمز المحبة والسلام؟
ومتى يدرك الدواعش والنواصب ومن يسير في فلكهم أن الانتقام والبطش ليس سبيلاً لإنهاء أي علاقة كراهية وأنه لا يزيد عن صب الزيت على النار وإطفاء النار بالنار.أتوقف هنا وأرجو أن أتمكن من إضاءة المزيد من الحقائق في الفصل الثاني من هذا المقال.
من الواضح ان الكاتب سني
ردحذفبرغم دعوته للاخاء السني الشيعي
ولكن عندما يتكلم عن الدول الشيعية يصفها بالبطش والقوة وانها سبب الرد من الدول السنية
من يريد الصلح لا يبالغ بالوصف ويتعدى على الاخر بالصفات التي ليست فيه